يصلح أن ينصب (قطراً) به، ويكون على حذف الهاء من (أفرغه) ويصلح أن ينصب (قطرًا) لا (أفرغ) على ما قاله، وكذلك قوله تعالى: {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} [الجن: 7]، وقوله: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19]، يصلح فيهما الوجهان، وحذف المفعول لدلالة الكلام عليه كثيرٌ، قال الله تعالى: {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} [القصص: 23] وقرأ ابن عامر وأبو عمرو (يصدر الرعاء) - بفتح الياء وضم الدال - أي: حتى ينصرف الرعاء عن الماء، وقرأ الباقون من القراء السبعة (حتى يصدر) - بضم الياء وكسر الدال - أي: حتى يرد الرعاء غنمهم (?)، فحذف المفعول لدلالة الكلام عليه، وقد جاء ما هو أكثر من ذلك، قال الله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: 22] أي: كنتم تزعمونهم شركاء، فحذف المفعولين جميعًا؛ لأن التوبيخ بالإشراك قد دل عليه.
قال الفقيه: وأما قول الشاعر [من الطويل]:
وكُمْتًا مُدَمَّاةً كأَن متونَها ... جرى فوقَها واستشعرتْ لَوْنَ مُذْهَب
فقد روي (لونَ مذهب) بالنصب على إعمال الفعل الثاني، و (لونُ مذهب) بالرفع على إعمال الفعل الأول، قال: والكمته: لون