إلَى التقديمِ والتأخير تفاوتَ ما بين الدليلِ والمدلولِ، والمتقدِّمُ والمتأخرُ لا يكونان معًا.

الثانية والسبعون

الثانية والسبعون: الحديثُ كما يقتضي الترتيبَ بين الأعضاء، فكذلك يقتضي الموالاةَ في فعلها، وطلبيةَ ذلك وترجيحَهُ علَى التفريقِ، ولا يُختلفُ فيه، وإنما الخلافُ في الوجوب؛ فجديدُ قولي الشافعي - رحمه الله -: عدمه، وقديمُهُما: إثباته (?).

وعند المالكية ثلاثة أقوال: الوجوب، والاستحباب، والوجوب مع الذِّكر والقُدْرة دونَ النسيانِ والعجز. قالَ أبو العباس القُرطبي: والأوْلَى القول بالسنَّةِ فيهما، إذ لمْ يصحَّ قطُّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ توضأ مُنكِّسًا، ولا مُفرِّقًا تفريقًا فاحشًا، وليس في آية الوضوء ما يدلُّ علَى وجوبهما (?).

قلت: أمَّا أنَّها لا تدل علَى وجوبِ الترتيب من جهة (الواو) فصحيح، وأمَّا من جهة التفريقِ بين المغسول والممسوح فقد بحثنا فيه فيما تقدم.

وأمَّا أنَّ الآيةَ لا تدلُّ علَى وجوبِ الموالاةِ، ففيه نظر.

وقد أبدى بعضُ فضلاء المتأخرين من المالكيةِ الذين أدركنا زمانَهُم دلالةَ الآية علَى وجوب الموالاة بوجهٍ وجيهٍ، حاصلُه: أنَّ (إذا) ظرف زمان، والعاملُ فيها جوابُها، أو ما قام مقامَ جوابِها، وهو قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015