وجعل القزازُ البحيرةَ من الأصل الأول، فإنّه قال: والبُحْران من هذا أخذه، وهو اتساع العلة، والبَحيرةُ من هذا: وهي الناقة التي تُنْتجُ عشرةَ أبطُن، وتُبْحَر في أذنها؛ أي: تُشَق وتُترَك ترعى، ولا يُنتفع بظهرها، ويحرم لحمُها على نسائهم، ثم قال - بعد كلام -: وكلُّ هذا مأخوذ من السَّعَة والشَّق، ولذلك سمي الفرجُ بحراً، ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن أنس بن سيرين قال: استحيضت امرأةٌ من آل أنس، فسألت ابن عباس، فقال: "إذا رأتِ الدَّمَ البَحْرانيَّ فلتدعِ الصَّلاةَ، فإذا رأتِ الطُّهرَ ولو ساعةً من نهارٍ فلتغتسلْ ولتصلِّ" (?). قال: فالدم البحراني دم الحيض، وسماه بحرانياً؛ لغلظه وشدة حُمرته، ونسبَهُ إلى البحر، يريد عنق الرحم؛ لأنَّ كلَّ عنق أو شق: بحرٌ (?).

وأقول: الأقربُ أن نجعلَ اللفظَ راجعاً إلى أصل السعة، ويُرَدُّ معنى الشق إليه؛ لأنَّه المعنى العامُ في موارد الاستعمال، فنجعلُـ[ــه]، حقيقة اللفظ على ما قرَّره المتأخرون من أهل النظر، فإنَّ في الشقَّ معنى السَّعة، إلَّا أن يُدَّعَى أن تسمية الماء الكثير بالبحر لملازمة الشق أو مجاورته، وهذا يلزمُ منه المجازُ بالنسبة إلى الوضع اللغوي، فإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015