وذكر الحافظ أبو بكر بن العربي قال: ولا أعلم أحدًا قال: إنَّهُ يبدأُ بمؤخر رأسه، إلا وكيعُ بن الجرَّاح؛ كمَا ذَكرَهُ أبو عيسَى عنه، والصحيحُ البُداءة بالمقدمِ، وهي رواية الحفاظ كلِّهم (?).
ورأيت في كتاب "الأنوار" أنَّ الحسنَ بن حيًّ قال: يُبدأ بمؤخر الرأس (?).
المذهب الثالث: أنَّهُ يَبدأ بناصيته، ثم يقبِلُ بيده إلَى مقدم رأسه، ثم يُدبِرُ بهما إلَى قفاه، ثم يردُّهما إلَى ناصيته، وهو الذي بدأ منه، ومعنى هذه الصفة مرويٌّ عن أحمد بن داود المنسوب إلَى المالكيةِ، وهذه الصفةُ كانَّهُ قَصَدَ بها الجمعَ (?) بين قوله: "فأقبل وأدبر"؛ [بتفسير (أقبل): مرَّ إلَى جهة الإقبال، (وأدبر):] (?) مرَّ إلَى جهة الإدبار، وبين قوله: "بدأ بمقدّم رأسه"؛ أما أقبل فلأنَّه مر في هذه الصفة إلَى جهة القبل، وأما كونه بدأ بمقدّم رأسه، فإنَّ الناصيةَ تسمَّى مقدّم الرأس (?)، فيصدق عليه أنَّهُ بدأ بمقدّم رأسه.
لكني لمْ أقفْ في روايةٍ من الرواياتِ علَى فعل هذه الصفة من الراوي، ولا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما كانَّها أُخِذَت إلا لمجرَّدِ قصد الجمع بين اللفظين؛ أعني: البداءة بمقدم الرأس، وقوله: "أقبل وأدبر"، فإنْ لمْ تردْ