ومنها: الاكتفاءُ بأتمّ الحديثين وأكثرهما فائدةً عن أقلهما؛ أو لدخول مدلوله تحت الأعم فائدة، وقد يقوم في مثل هذا معارض، وهو أن يكونَ الحديثُ الأقلُّ فائدةً هو الحديث المشهور أو المُخرَّج في "الصحيحين" فَيُذكر لذلك، ويُتبَع بالحديث الذي فيه الزيادة، فإن إهمالَ ما في "الصحيحين" وما اشتهر بين العلماءِ الاستدلال به غيرُ مستحسن، وربما أوقع إهمالُهُ وذكرُ غيره من الكتب الخارجة عيباً في الاختيار عندَ مَنْ لم يفهم المقصود، وربما اكتفى بالزائد لمعارض آخر.
ومنها: أنَّ الحديثَ الذي يستدلُّ به قد يكون مطولاً في الصحاح أو في الكتب المشهورة، ويكون موضعُ الاحتجاج مُقتصَراً عليه، مختصرا في غير ذلك من الكتب، فيقتصرُ على المختصر، ويترك التخريجَ من الصحاح؛ لأنه أليقُ بالكتاب، ولأنه إن ذكر ما في الصحاح مطولاً خرج عن المقصود الذي لأجله أخرج الحديث، وإن اقتصر على مقصوده منه، كان ذلك داخلًا في باب اختصار الحديث الذي لا يختاره قوم من المتوزعين، إلى غير ذلك من المقاصد التي أبهمها.
وعلى الجملة فالمقصودُ من هذا الكلام أنه مُراعٍ لوضع الكتاب في الجملة غيْرُ مُسترسلٍ استرسالاً، وترجيحُ بعض المقاصد على بعض يكون بحسب حديثٍ حديثٍ، ومحلٍ محلٍ.
قوله: "ولم أدع الأحاديث إليه الجَفَلَى": يقال: دعا فلان