كلام الله للعباد بلا واسطة والدليل على ذلك

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وروى عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان)].

(ترجمان) بضم الجيم وفتحها، والترجمان: هو الواسطة الذي ينقل الكلام من لغة إلى لغة أخرى، والمترجم ينقل الكلام من شخص إلى شخص أو من لغة إلى لغة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [(ثم ينظر أيمن منه فلا ينظر إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر أشأم منه فلا يرى إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر تلقاء وجهه فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يقي وجهه النار ولو بشق تمرة فليفعل)].

حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه حديث صحيح رواه البخاري في مواضع فرواه في كتاب الرقاق، والتوحيد، ورواه الإمام مسلم في كتاب الزكاة، ورواه الترمذي وابن ماجة وابن قتيبة في كتاب التوحيد، والآجري في الشريعة وغيرهم، وفيه إثبات كلام الله عز وجل يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان)، وفيه إثبات أن الله يكلم كل أحد ليس بينه وبينه واسطة ينقل الكلام من الله إلى العبد، أو من العبد إلى الله.

وفي اللفظ الآخر: (ما منكم من أحد إلا سيحاضره ربه محاضرة يقول: فعلت كذا يوم كذا وكذا، فعلت كذا يوم كذا وكذا وسترت عليك، فيقول: يا رب! ألم تغفرها لي؟ قال: بلى قد غفرتها لك)، وهنا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان، ثم ينظر أيمن منه فلا ينظر إلا شيئاً قدمه) أي: ينظر عن يمينه فلا يرى إلا عمله من أمامه، قال: (ثم ينظر أشأم منه) أي: جهة الشمال، (فلا يرى إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر تلقاء وجهه من الأمام فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يقي وجهه النار ولو بشق تمرة فليفعل)، وهذا فيه فضل الصدقة وأنها تقي من النار، وشق التمرة نصفها، قوله: (من استطاع منكم أن يقي وجهه النار) أي: أن يجعل بينه وبين النار حجاباً، (بشق تمرة) أي: أن يتصدق بنصف تمرة (فليفعل)، الفقير إذا أعطيته نصف تمرة وهذا أعطاه نصف تمرة تجمع عنده شيء سد جوعته.

وفي اللفظ الآخر: (فمن لم يجد فبكلمة طيبة)، إذا كنت لا تستطيع الصدقة بشيء قليل، فالكلمة الطيبة تقوم مقام الصدقة، والحديث صريح في إثبات كلام الله عز وجل، وأن الله تعالى يكلم الناس يوم القيامة، وفيه رد على أهل البدع الذين أنكروا كلام الله كالجهمية والمعتزلة وغيرهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015