إثبات صفة الكلام لله عز وجل

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن مذهب أهل الحق: أن الله عز وجل لم يزل متكلماً بكلام مسموع مفهوم مكتوب، قال الله عز وجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164]].

أراد المؤلف إثبات صفة الكلام لله تعالى، وسيطيل فيها، وهي من الصفات التي اشتد النزاع فيها بين أهل السنة وبين أهل البدع، ومن العلامات الفارقة بين أهل السنة وبين أهل البدع.

قال: (أن الله عز وجل لم يزل متكلماً بكلام مسموع مفهوم) فأهل السنة يقولون: إن الله تعالى متكلم بكلام مفهوم بحرف وصوت مسموع مفهوم كلام الله، فكلامه سبحانه سمعه جبرائيل، والله تعالى ينادي الناس يوم القيامة ويسمعون كلامه، وكلامه مفهوم تفهمه القلوب وتعلمه، ومقروء بالألسنة، ومكتوب في المصاحف كل هذا حق في هذه المواضع كلها فإذا قرأه قارئ فهو مقروء له، وإذا سمعه السامع فهو مسموع له، وإذا حفظه الحافظ فهو محفوظ له، وإذا علمه وفهمه في قلبه فهو مفهوم له.

فهو مقروء، مسموع، مكتوب، معلوم، محفوظ في الصدور، وهو في هذه المواضع كلها ليس مجازاً؛ لأن المجاز يصح نفيه، فيقال: ما قرأ القارئ كلام الله، ما سمع القارئ كلام الله، ما فهم إلخ.

وهذا باطل، بل نقول: قرأ القارئ كلام الله, سمع السامع كلام الله، كتب الكاتب كلام الله، حفظ الحافظ كلام الله، نظر الناظر في كلام الله.

المقصود: أن المؤلف رحمه الله استدل من الكتاب العزيز بقوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164]، وهناك أدلة أخرى منها قوله تعالى: {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف:143] وقوله تعالى: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الشعراء:10] وهذا فيه إثبات النداء، والنداء هو الكلام من بعد، وقوله: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم:52] والمناجاة هي الكلام من قرب، ونادى الله الأبوين فقال: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا} [الأعراف:22]، فالأدلة في هذا الباب كثيرة، لكن المؤلف رحمه الله اقتصر على هذه الآية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015