"مسألة الكحل":
504-
ورفعه الظاهر نزر، ومتى ... عاقب فعلًا فكثيرًا ثبتا
505-
كلن ترى في الناس من رفيق ... أولى به الفضل من الصديق
"ورفعه الظاهر نزر" أي: أفعل التفضيل يرفع الضمير المستتر في كل لغة، ولا يرفع اسمًا ظاهرًا ولا ضميرًا بارزًا إلا قليلًا، حكى سيبويه: "مررت برجل أكرم منه أبوه"، وذلك لأنه ضعيف الشبه باسم الفاعل، من قبل أنه في حال تجريده لا يؤنث ولا يُثنى ولا يُجمع، وهذا إذا لم يعاقب فعلًا، أي: لم يحسن أن يقع موقعه فعل بمعناه "ومتى عاقب فعلًا فكثيرًا" رفعه الظاهر "ثبتًا" وذلك إذا سبقه نفي، وكان مرفوعه أجنبيًّا، مفصلًا على نفسه باعتبارين نحو: "ما رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد"، فإنه يجوز أن يقال: ما رأيت رجلًا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد؛ لأن أفعل التفضيل إنما قصر عن رفع الظاهر لأنه ليس له فعل بمعناه، وفي هذا المثال يصح أن يقع موقعه فعل بمعناه، كما رأيت، وأيضًا فلو لم يجعل المرفوع فاعلًا لوجب كونه مبتدأ، فيلزم الفصل بين أفعل و"من" بأجنبي.
والأصل أن يقع هذا الظاهر بين ضميرين: أولهما للموصوف، وثانيهما للظاهر، كما رأيت، وقد يحذف الضمير الثاني وتدخل "من": إما على الاسم الظاهر، أو على محله، أو على ذي المحل، فتقول: "من كحل عين زيد" أو "من عين زيد"، أو "من زيد" فتحذف