{وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} 1، والتمييز في مثله محول عن الفاعل، والأصل: طابت نفس زيد، واشتعل شيب الرأس، ونحو: "غرست الأرض شجرا"، {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} 2، والتمييز فيه محول عن المفعول، والأصل: غرست شجر الأرض، وفجرنا عيون الأرض، وتقول: "عجبت من طيب زيد نفسا"، و"زيد طيب نفسا"، و"سرعان ذا إهالة"3.
وناصب التمييز في هذا النوع، عند سيبويه والمبرد والمازني ومن وافقهم، وهو العامل الذي تضمنته الجملة، لا نفس الجملة، وهو الذي يقتضيه كلام الناظم في آخر الباب، ونص عليه في غير هذا الكتاب. وذهب قوم إلى ان الناصب له نفس الجملة، واختاره ابن عصفور ونسبه للمحققين. ويصح تخريج كلامه هنا على المذهبين؛ فلا اعتراض؛ لأنه يصح أن يقال: إنه فسر العامل؛ لأنه رفع إبهام نسبته إلى معموله، وإنه فسر الجملة؛ لأنه رفع إبهام ما تضمنته من النسبة.
وأما تمييز المفرد فإنه: رفع إبهام ما دل عليه من مقدار مساحي أو كيلي أو وزني.
"كشبر أرضا وقفيز برا ... ومنوين عسلا وتمرا"
وناصب التمييز في هذا النوعه مميزه بلا خوف.
358-
وبعد ذي وشبهها أجرره إذا ... أضفتها، كـ"مد حنطة غذا"
359-
والنصب بعدما أضيف وجبا ... إن كان مثل "ملء الأرض ذهبا"
"وبعد ذي" المقدرات الثلاثة "ونحوها" مما أجرته العرب مجراها في الافتقار إلى مميز، وهي الأوعية المراد بها المقدار: كـ"ذنوب ماء"، و"حب عسلا"، و"نحي سمنا"، و"راقود خلا"، وما حمل على ذلك من نحو: "لنا مثلها إبلا، وغيرها شاء"، وما كان فرعا