الأول: تكون استثنائية، وقد تقدم الكلام عليها.
والثاني: تكون تنزيهية، نحو: {حَاشَ لِلَّهِ} 1، وليست حرفا؛ قال في التسهيل: بلا خلاف، بل هي عند المبرد وابن جني والكوفيين فعل، قالوا: لتصرفهم فيها بالحذف، ولإدخالهم إياها على الحرف؛ وهذان الدليلان ينفيان الحرفية ولا يثبتان الفعلية، قالوا والمعنى في الآية جانب يوسف المعصية لأجل الله، ولا يتأتى مثل هذا التأويل في {حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا} 2، والصحيح أنها اسم مرادف للتنزيه منصوب انتصاب المصدر الواقع بدلا من اللفظ بالفعل؛ بدليل قراءة ابن مسعود "حاش الله" بالإضافة، كمعاذ الله، وسبحان الله، وقراءة أبي السمال: "حاشًا لله" بالتنوين، أي: تنزيها لله، كما يقال: "رعيا لزيد"، والوجه في قراءة من ترك التنوين أن تكون مبنية لشببها بـ"حاشا" الحرفية لفظا ومعنى.
الثالث: أنها تكون فعلا متعديا متصرفا، تقول: "حاشيته"؛ بمعنى: استثنيته، ومنه الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال: "أسامة أحب الناس إلي ما حاشى فاطمة" "ما": نافية، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لم يستثن فاطمة، وتوهم الشارح أنها المصدرية و"حاشى" الاستثنائية، بناء على أنه من كلامه صلى الله عليه وسلم، فاستدل به على أنه قد يقال: "قام القوم ما حاشا زيدا"، ويرده أن في معجم الطبراني "ما حاشى فاطمة ولا غيرها" ودليل تصرفه قوله "من البسيط":
468-
ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه ... ولا أحاشي من الأقوام من أحد