والآخر أن لا تكون في محل حرف لا يعل وإن لم تكن بدلا. والاحتراز بذلك عن نحو: أيس بمعنى يئس، فإن ياءه تحركت وانفتح ما قبلها ولم تعل لأنها في موضع الهمزة، والهمزة لو كانت في موضعها لم تبدل، فعوملت الياء معاملتها لوقوعها موقعها، هكذا قال في شرح الكافية. قال: ويجوز أن يكون تصحيح ياء أيس انتفاء علتها، فإنها كانت قبل الهمزة ثم أخرت، فلو أبدلت لاجتمع فيها تغييران: تغيير النقل، وتغيير الإبدال، هذا كلامه وذكر بعضهم أن أيس إنما لم يعل لعروض اتصال الفتحة به؛ لأن الياء فاء الكلمة فهي في نية التقديم والهمزة قبلها في نية التأخير، وعلى هذا فيستغنى عن هذا الشرط بما سبق من اشتراط أصالة اتصال الفتحة.

الرابع: ذكر ابن بابشاذ بهذا الإعلال شرطا آخر، وهو أن لا يكون التصحيح للتنبيه على الأصل المرفوض. واحترز بذلك عن القود والصيد والجيد وهو طول العنق وحسنه، والحيدى، يقال: حمار حيدى، إذا كان يحيد عن ظله لنشاطه، والحركة والخونة، وهذا غير محتاج إليه؛ لأن هذا مما شذ مع استيفائه الشروط. ومثل ذلك في الشذوذ قولهم روح وغيب جمع رائح وغائب، وعفوة جمع عفو وهو الجحش، وهيوة وأوو جمع أوة وهو الداهية من الرجال، وقروة جمع قرو وهي ميلغة الكلب، ا. هـ.

[إبدال النون والواو ميما] :

975-

وَقَبْلَ بَا اقْلِبْ مِيْمًا النُّوْنَ إذَا ... كَانَ مُسَكَّنًا، كَمَنْ بَتَّ انْبِذَا

وقبل با اقلب ميما النون إذا كان مسكنا" أي تبدل النون الساكنة قبل الباء ميما، وذلك لما في النطق بالنون الساكنة قبل الباء من العسر؛ لاختلاف مخرجيهما مع تنافر لين النون وغنتها لشدة الباء، وإنما اختصت الميم بذلك لأنها من مخرج الباء ومثل النون في الغنة، ولا فرق في ذلك بين المنفصلة والمتصلة، وقد جمعهما في قوله: "كمن بت انبذا" أي من قطعك فألقه عن بالك واطرحه. وألف "انبذا" بدل من نون التوكيد الخفيفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015