كذلك علم الشخص، لما عرفت، وهذا معنى ما ذكره الناظم في باب النكرة والمعرفة من شرح التسهيل من أن "أسامة" ونحوه: نكرة معنى، معرفة لفظا، وأنه في الشياع كأسد. وهو مذهب قوم من النحاة، لكن تفرقة الواضع بين اسم الجنس وعلم الجنس في الأحكام اللفظية تؤذن بالفرق بينهما في المعنى أيضا، وفي كلام سيبويه الإشارة إلى الفرق، فإن كلامه في هذا حاصله أن هذه الأسماء موضوعة للحقائق المتحدة في الذهن، ومثله بالمعهود بينه وبين مخاطبه، فكما صح أن يعرف ذلك المعهود باللام، فلا يبعد أن يوضع له علم.
قال بعضهم: والفرق بين "أسد" و"أسامة" أن أسدا موضوع للواحد من آحاد الجنس لا بعينه في أصل وضعه، و"أسامة" موضوع للحقيقة المتحدة في الذهن، فإذا أطلقت "أسدا" على واحد أطلقته على أصل وضعه، وإذا أطلقت "أسامة" على واحد فإنما أردت الحقيقة، ولزم من إطلاقه على الحقيقة باعتبار الوجود التعدد، فجاء التعدد ضمنا، لا باعتبار أصل الوضع، قال الأندلسي شارح الجزولية: وهي مسألة مشكلة.
"مِنْ ذَاك" الموضوع علما للجنس "أَمُّ عِرْيَطٍ" وشبوة "لِلعَقْرَبِ وَهكَذا ثُعَالَةٌ" وأبو الحصين "لِلْثَعْلَبِ"، وأسامة وأبو الحارث للأسد، وذؤالة وأبو جعدة للذئب، "وَمِثْلُهُ بَرَّةُ" علم "لِلمَبَرَّه" بمعنى البر، و"كَذَا فَجَارِ" بكسر كحذام "عَلَمٌ لِلْفَجرَهْ" بمعنى الفجور، وهو: الميل عن الحق، وقد جمعهما الشاعر في قوله "من الكامل":
75-
إنَّا اقتَسَمْنَا خُطَّتَيْنا بَيْنَنَا ... فَحَمَلْتُ بَرَّةَ وَاحْتَمَلْتَ فَجَار