هو الوسط.
"ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِيْ" أي طلبت مني المغفرة، سواء قلت: أستغفر الله، أو قلت: اللهم اغفر لي. لكن لابد من حضور القلب واستحضار الفقر إلى الله عزّ وجل.
"يَا ابنَ آدَمَ إنِّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقِرَابِ الأَرْضِ خطَايَا ثُمَّ لَقِيْتَني لاتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغْفِرَةً"
قوله: "لَوْ أَتَيْتَنِيْ" أي جئتني بعد الموت. "بِقِرَابِ الأَرْضِ" أي مايقاربها، إما ملئاً، أو ثقلاً، أو حجماً، خَطَايا جمع خطيئة وهي الذنوب، "ثُمَّ لَقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِكْ بِي شَيْئَاً" قوله: "شَيئَاً" نكرة في سياق النفي تفيد العموم أي لا شركاً أصغر ولا أكبر، وهذا قيد عظيم قد يتهاون به الإنسان ويقول: أنا غير مشرك وهو لايدري، فحُبُّ المال الذي يلهي عن طاعة الله، من الإشراك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الخَمِيْصَةِ، تَعِسَ عَبْدُ الخَمِيْلَةِ" (?) فسمّى النبي صلى الله عليه وسلم من كان هذا همّه: عبداً لها.
"لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغْفِرَةً" وهذا لاشكّ من نعمة الله وفضله، بأن يأتي الإنسان ربه بملء الأرض خطايا ثم يأتيه عزّ وجل بقرابهامغفرة، وإلا فمقتضى العدل أن يعاقبه على الخطايا، لكنه جل وعلا يقول بالعدل ويعطي الفضل.
. 1شرف بني آدم حيث وجه الله إليه الخطاب بقوله "يَا ابْنَ آدَمَ" ولاشك أن بني آدم فضّلوا على كثير ممن خلقهم الله عزّ وجل وكرّمهم الله سبحانه وتعالى، قال الله تبارك وتعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ