الإنسان نفسه وظلم غيره، لكن هو في المعنى الثاني أظهر لقوله: "فَلا تَظَالَمُوا" أي فلا يظلم بعضكم بعضاً، وإلا فمن المعلوم أن الظلم يكون للنفس ويكون للغير، قال الله تعالى: (وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) (هود: الآية101)

ومدار الظلم على النقص كما قال الله تعالى: (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئا ً) (الكهف: 33)

ويدور على أمرين:

إما منع واجب للغير، وإما تحميله ما لايجب عليه.

مثال الأول: أن تمنع شخصاً من دين عليك فلا توفّيه، أو تماطل به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مطْلُ الغَنِيِّ ظُلمٌ" (?) .

ومثال الثاني: كأن تدعي عليه ديناً وتأتي بشهادة زور فيُحكم لك به، فهذا ظلم.

فإن قال قائل: هل يستثنى من قوله: "فَلا تَظَالَمُوا" شيء؟

الجواب: لا يستثنى.

فإن قال: أليس يجوز لنا أن نأخذ أموال الكفار المحاربين؟

فالجواب: بلى، لكن هذا ليس بظلم، لأنه أبيح لنا هذا.

فإن قال قائل: وهل يحل لنا أموال المعاهدين؟

فالجواب: لايحلّ لنا أموال المعاهدين ولا دماء المعاهدين، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدَاً لَم يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّة" (?) نسأل الله العافية.

وبهذا نعرف عدوان وظلم وضلال أولئك المغرورين الذين يعتدون على أموال الكفار المعاهدين سواء كان الكافر عندك في بلدك وهو معاهد، أو أنت في بلده، فإننا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015