المرحلة الثالثة: إذا تبيّن أنه ليس بمنتقد فالواجب أن تذبّ عنه وتنشر هذا بين الناس، وتبين أن ما قاله هذا العالم فهو حق وإن خالف ما عليه الناس.
المرحلة الرابعة: إذا تبين لك حسب رأيك أن ما نسب إلى العالم وصحت نسبته إليه ليس بحق، فالواجب أن تتصل بهذا العالم بأدب ووقار، وتقول: سمعت عنك كذا وكذا، وأحب أن تبين لي وجه ذلك، لأنك أعلم مني، فإذا بيّن لك هذا فلك حق المناقشة، لكن بأدب واحترام وتعظيم له بحسب مكانته وبحسب ما يليق به.
أما مايفعله بعض الجهلة الذين يأتون إلى العالم الذي رأى بخلاف مايرون، يأتون إليه بعنف وشدة، وربما نفضوا أيديهم في وجه العالم، وقالوا له: ما هذا القول الذي أحدثته؟ ما هذا القول المنكر؟ وأنت لا تخاف الله، وبعد التأمل تجد العالم موافقاً للحديث وهم المخالفون له، وغالب ما يؤتى هؤلاء من إعجابهم بأنفسهم، وظنهم أنهم هم أهل السنة وأنهم هم الذين على طريق السلف، وهم أبعد ما يكون عن طريق السلف وعن السنة.
فالإنسان إذا أعجب بنفسه - نسأل الله السلامة - رأى غيره كالذر، فاحذر هذا.
الأمر الرابع من النصيحة للعلماء: أنك إذا رأيت منهم خطأ فلا تسكت وتقول: هذا أعلم مني، بل تناقش بأدب واحترام، لأنه أحياناً يخفى على الإنسان الحكم فينبهه من هو دونه في العلم فيتنبه وهذا من النصيحة للعلماء.
الخامس: أن تدلهم على خير ما يكون في دعوة الناس، فإذا رأيت هذا العالم محباً لنشر العلم ويتكلم في كل مكان وترى الناس يتثاقلونه ويقولون هذا أثقل علينا، كلما جلسنا قام يحدّث، فمن النصيحة لهذا العالم أن تشير عليه أن لا يتكلم إلا فيما يناسب المقام، لاتقل: إني إذا قلت ذلك منعته من نشر العلم، بل هذا في الواقع من حفظ العلم، لأن الناس إذا ملّوا سئموا من العالم ومن حديثه.