هذا الإيمان بأركانه، ويتفق علماء السلف على أنه يزيد وينقص، وخلاف العلماء في أن الإيمان يزيد وينقص لا نريد أن نطيل الكلام فيه، فمن الأئمة من يقول: لا زيادة ولا نقصان، وجمهور السلف على أن فيه زيادة وله نقصاناً.
وليس هناك خلافٌ حقيقي فيما أظن؛ لأن الذين يقولون إنه لا يزيد ولا ينقص ينظرون إلى الإيمان اللغوي الذي هو التصديق، والذين يقولون: يزيد وينقص ينظرون إلى الإيمان الشرعي الذي أمرنا به، وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.
ومما قاله العلماء في زيادة الإيمان ونقصانه: لو أردنا أن نوازن بين إيمان أبي بكر رضي الله تعالى عنه وعمر وعثمان وعلي وأبي هريرة وزيد بن ثابت، وبين إيمان الناس في هذا الوقت، هل نجد معادلة بين إيمان أبي بكر بجميع معانيه وإيمان عامة الناس اليوم؟ يقول صلى الله عليه وسلم: (لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان الأمة لرجح بها) ، ونحن نعلم بأن أمور التصديق تزداد بالأمارات والعلامات، وأشرنا سابقاً إلى علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين، وبأن كل مسلم في مشارق الغرب يعلم يقيناً وجود الكعبة قبلة له، فإذا جاء إلى الحج ورآها عند باب المسجد زاد علمه بعين يقينه بوجود الكعبة أكثر مما كان يعلم وهو في بلده، فإذا جاء إليها وطاف بها ولمسها، وإذا فتح الباب ودخلها؛ كان إيمانه بالكعبة أقوى من إيمانه بها وهو عند باب المسجد.
وهكذا السلف الصالح عاينوا الأمارات، ولابسوا وشاهدوا وعايشوا المعجزات، وعاصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل يستوي هذا الفريق مع ذاك؟! والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا وحبيبنا محمد.