وجاء في حديث العرباض بن سارية قال: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقلنا يا رسول الله! لكأنها موعظة مودع فأوصنا، فقال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشياً؛ فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور!) إلى آخر الحديث.
نرجع إلى الحديث مرة أخرى من جهة الأحكام لا إيمان لعبد إلا بأمرين معاً: أن يكون هواه تبعاً لما جاء به رسول الله، وأن يكون رسول الله أحب إليه من نفسه وولده ووالديه والناس أجمعين.
وتبعاً لهذا فقد وردت أقوال للسلف في هذا الباب، منها: ما جاء عن مالك رحمه الله أنه قال: (لا يَصلُح آخر هذه الأمة إلا بما صلُح به أولها) ، وهو الاتباع والمسير على سنة رسول الله.
(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ) وهي الأنياب، كناية عن الحرص عليها لئلا تفرطوا.
وأيضاً ورد عن مالك أنه قال: (من سن سنة وزعم أنها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة) .
وذلك لأن الله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3] ، فالمسألة منتهية، (من سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده، كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء) .
وجاء عند ابن ماجة: (من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل أجر من عمل بها من الناس لا ينقص من أجور الناس شيء) .
فما يهمنا هو اتباع السنة، وهذا الباب واسع، ولعل ما سبق فيه الكفاية بالتنبيه لهذا الحديث، والله تعالى أعلم.
نسأل الله أن يرزقنا اتباعه وحسن محبته، وأن يرزقنا شفاعته صلى الله عليه وسلم، وأن يوردنا حوضه، وأن يسقينا بيده الشريفة شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبداً، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.