يقول النووي رحمه الله: (عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص) وهو رضي الله تعالى عنه من خيرة أصحاب رسول الله، وكلهم أخيار.
كان صلى الله عليه وسلم يقدمه على أبيه؛ لأنه سبق أباه إلى الإسلام، ولم يكن بينه وبين أبيه سوى ثلاث عشرة سنة، وقيل: إحدى عشرة سنة، أي: أن أباه تزوج صغيراً وأنجب، وكان من أكثر أصحاب رسول الله حديثاً، كما قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: (ما كان أحد أكثر مني حديثاً إلا عبد الله بن عمرو بن العاص حيث كان يكتب ولا أكتب) .
وهكذا يظهر أثر كتابة العلم وتدوينه، وقد قال عبد الله: (كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش وقالوا: أتكتب كل شيء تسمعه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا؟! فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بإصبعه إلى فِيه، فقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق) ، وهذا كما قال سبحانه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3-4] .