قال الله: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ} [الأنعام:145] ، وقال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ.
} [المائدة:3] ، وكل هذه المسميات في هذه الآية حرام.
وتأتي السنة في هذا الباب وتزيد: كل ذي مخلب من الطير، وكل ذي ناب من السباع، وتأتي السنة أيضاً بتحريم الحمر الأهلية؛ فسواء كان التحريم في نص كتاب الله، أو في سنة رسول الله فهي داخلة ضمن: (وحرم أشياء فلا تنتهكوها) .
ومما يدل على عموم استحقاق السنة وتأهيلها للتشريع استقلالاً ما جاء في هذه المسميات: كل ذي ناب، وكل ذي مخلب، والحمر الأهلية، وتكلم العلماء في جزئيات من المحرمات تدخل تحت قاعدةٍ عامة في وصف النبي صلى الله عليه وسلم، وهي صفة مكتوبة في التوراة والإنجيل {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:157] ، فالخبائث: جمع خبيثة، وما هي تلك الخبائث التي اندرجت تحت هذا العنوان؟ نعلم جميعاً أن كل ما نص عليه الشارع بالتحريم فهو خبيث شرعاً، بقي العرف والعادة، فهناك أشياء لم يأتِ النص عليها بأعيانها، وقد بحث هذه المسألة والدنا الشيخ الأمين -رحمة الله تعالى علينا وعليه- في أضواء البيان عند قوله: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ.
} [الأنعام:145] إلى آخر الآية، وذكر في هذا البحث ما فيه خلاف أو وفاق، على مبدأ: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:157] ، فذكر من الطيور بعض ما لم يأتِ مسماه كالبوم والغراب والحشرات والحيوانات، وذكر الخلاف في الخيل والبغال والحمير وبقية السباع والضبع، وذكر حكم الزواحف، ومن كره الضب، ومن أباح الحيات والعقارب، وعند المالكية خلاف في الحيات هل تؤكل أو لا تؤكل؟ وكل ما يتعلق بحشرات الأرض، وذكر كل موضع وفاق أو خلاف.
وإذا كان الإسلام يحرم الخبائث فهو دين النزاهة، {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة:4] .
إذاً: الخبائث محرمة.
وما حد الاستخباث؟ وهل كل ما استقذره الإنسان فهو خبيث؟ يقولون: المقياس في ذلك هم ذوو المروءات من أوساط الناس في المجتمع، لا في شدة الجوع، ولا في زيادة الترف، بل في الحالات العادية.