مثل قضية المرأة الواهبة نفسها، قال الله: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:50] : أبداً، ما أحدٌ له دخل في هذه الآية، ولذا لا يحق لمسلم أن يستبيح بضع امرأة بوهبها نفسها إليه، فهل تقول: وهبتُ نفسي إليك، فيقول: قبلت، وتباح له؟ لا.
بل هذه خالصة للنبي، لماذا؟ {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب:6] فهو ولي من لا ولي له، كما لو كانت لك أمة وتعتقها وتتزوجها، لا تحتاج إلى إنسان يعقد لك عليها؛ لأنك أنت وليها.
ولذا حينما صعَّد النظر فيها وصوَّب وتركها، قام رجل وقال: (زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، قال: ماذا عندك لتدفع لها صداقاً؟ ثم قال: زوجتكها بما معك من القرآن) ، وهل قال لها: ائت بأبيك أو أخيك أو عمك أم أنه هو الذي تولى زواجها؟ هو الذي زوَّجها لا غيره، وكانت تريد أن تزوج نفسها به، وهذا معناه: أنها بعيدة عنه، وتحل له، وليس هو من محارمها، ومع ذلك يقول: (زوجتكها) .
لماذا؟ لأن له حق الولاية على كل مسلم، فتصح الهبة إليه، أما أنت فلا ولاية لك على غيرك.