بقي سؤال، وهو: إذا كان الإنسان مسافراً هل يصلي تلك النوافل أم لا؟ كثر السؤال في هذه المسألة، وبعض الأخوة يأخذ بحديث ابن عمر لو كنت متنفلاً في السفر لأتممت الفريضة، ويقول: ليس هناك نافلة في سفر.
قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمله صحيحاً مقيماً) ، وقد ذكر الشوكاني ما استدل به المانعون كـ ابن عمر ومن وافقه، وذكر عن جملة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنهم كانوا يصلون الرواتب في السفر، وذكر عن علي وعن عمر وعن أنس وعن ابن عباس وعن أبي ذر ونسيت اثنين آخرين، ذكر عن سبعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم منهم عمر وعلي من الخلفاء الراشدين، ومنهم أنس وابن عباس حبر هذه الأمة، وأبي ذر كل هؤلاء منقول عنهم بأنهم كانوا يصلون نافلة الرواتب في حالة السفر.
ويناقش العلماء مقالة ابن عمر، يقولون: إذا كانت الفريضة قد قصرت، فهذا تخفيف من الله على العبد، والنافلة متروكة لجهد الشخص، وإن كان يستطيع أن يصليها فأهلاً وسهلا، وإن لم يستطع فهذا أمر عائد له، وليس مكلفاً بها ولا يعاتب على تركها، بل إن كان عاجزاً فإن الله يأمر الملائكة أن تكتب له ما كان يفعل في حال قدرته واستطاعته.
والخلاصة: أن صلاة راتبة الفريضة في السفر أمرها متروك للشخص نفسه، فإن شاء صلاها، وإن شاء تركها، والجمهور مع الأول.
هذا هو الباب الأخير في أبواب الخير التي ذكرها صلى الله عليه وسلم.