ونافلة الصلاة تنقسم إلى قسمين: راتبة مع كل فريضة، وقسم مطلق، والمطلق منه ما هو مقيد بزمن، ومنه مطلق لا يقيد بزمن.
وأهم النوافل رواتب الفريضة، ورواتب الفريضة أيضاً تتفاضل، فعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: (حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات كان يصليها بالليل والنهار) ، وجاء حديث آخر: (من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة) .
والعلماء يختلفون في عددها تارة ويتفقون تارة، فيجمعون على ركعتين قبل الفجر، وعلى ركعتين قبل الظهر وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، فهذه عشر ركعات، ثم تأتي الزيادات في الظهر فبعضهم يجعلها أربعاً قبلهاً وأربعاً بعدها، ويأتون بأربع قبل العصر لحديث (رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً) ، وكانوا يصلون قبل المغرب بين الأذان والإقامة ركعتين، وحديث: (بين كل أذانين صلاة) عام لكل الصلوات.
وهناك من يضيف إلى العشر ركعتين قبل العشاء، ثم يأتون بزيادات على ذلك بين المغرب والعشاء، وهي: ست ركعات، وبعضهم يقول إنها صلاة الأوابين، ثم صلاة الوتر تكون بعد العشاء؛ فتلك هي النوافل الراتبة للصلوات الخمس، ولكن آكد هذه النوافل ركعتا الفجر وصلاة الوتر، فقد كان صلى الله عليه وسلم لا يتركهما حضراً ولا سفراً.
وجاء في قضية وقعة نخلة أنهم لما رجعوا من الغزوة قال صلى الله عليه وسلم: من يكلؤنا الليلة لا نرقد عن صلاة الفجر؟ فقال بلال: أنا يا رسول الله.
فناموا ونام بلال، وما استيقظوا إلا على حر الشمس، فقام عمر فكبر، وكان جهوري الصوت، ولم يكونوا يجرءون على أن يوقظوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعله في برحاء وحي، فلما سمع أصواتهم استيقظ، فرأى الشمس، فقال: يا بلال! ألم تقل إنك ستكلأ لنا الفجر.
وبعض الروايات تقول: إن أبا بكر كان بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استيقظ على حر الشمس قال: يا أبا بكر! كأني بالشيطان قد جاء إلى بلال وهو مستيقظ أو ينتظر الفجر يهدهده كما تهدهد الأم طفلها حتى أخذه النوم.
فقال بلال: والله يا رسول الله! لقد أنخت راحلتي وأسندت ظهري إليها، ووجهت وجهي إلى الشرق فإذا بالشيطان يأتي إلي ويهدهدني كما تهدهد الأم طفلها حتى نمت.
فقال أبو بكر: أشهد إنك لرسول الله.
هنا قال رسول الله: تحولوا عن هذا الوادي فإن فيه شيطاناً، وخرج من الوادي، وأمر بلالاً أن يؤذن، وصلوا ركعتي الفجر أولاً، ثم أقام بلال وصلوا الفجر.
والروايات مستفيضة بأنه صلى الله عليه وسلم كان في السفر يوتر على راحلته حيثما توجهت به، يذكر ذلك العلماء في باب استقبال القبلة والتسامح فيها في صلاة السفر، ويذكرونه أيضاً في باب صلاة النوافل.
فركعتا الفجر والوتر من أهم النوافل، بل إن الأحناف أوجبوا الوتر، لكن الواجب عند الأحناف ليس كالواجب عند الأئمة الثلاثة، فما ثبت بدليل قطعي، أي: بسنة متواترة أو بقرآن فهو فرض، وما ثبت بسنة آحاد فهو واجب.
والواجب عند الأحناف يساوي السنة المؤكدة عند غيرهم.
إذاً: ركعتا الفجر والوتر من أهم نوافل الصلوات.