بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فلا زلنا عند حديث معاذ، ولنا وقفة عند قوله صلى الله عليه وسلم: (لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله) ، قوله صلى الله عليه وسلم: (على من يسره الله) ، فيها وقفة ضراعة وإنابة، ووقفة عودة العبد إلى ربه، وقفة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] .
لنعلم أيها الإخوة أن حقيقة التوفيق بيد الله، فكم من قوي في بدنه يشق عليه أن يركع وينحني لله، وكم من غني في ماله تشح نفسه أن تجود بدرهم في سبيل الله، وصدق الله العظيم: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45] ، والخشوع عمل القلب، و (القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبهما كيف شاء) .
قوله: (وإنه ليسير على من يسره الله) : فمن وجد نفسه على طريق مستقيم وتيسرت له عبادة ربه فليحمد الله، ولا تغرنه نفسه، وليعلم أن هذا تيسير من الله له، وقد كان عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه يقول: والله إني لا أهتم لإجابة الدعاء فقد وعد الله بها، ولكني أهتم للدعاء نفسه، فإذا وفقت للدعاء فقد استجاب الله لي.
حتى الدعاء فإنك ترفع أكف الضراعة إلى المولى تسأله من خيري الدنيا والآخرة، فتلك نعمة من الله عليك.