{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} الدعاء عند الاضطرار مستجاب، ولو كان الداعي كافراً، لأنه يتوجه إلى الله في تلك الحالة ويدعوه وحده، ففي تلك اللحظة يكون مؤمناً بقدرة من توجه إليه ودعاه، ويعلم بأنه قادر على إجابة مطلوبة، كما جاء في الحديث: (لأنصرن المظلوم ولو كان كافراً، علم أن له رباً فدعا) ، أي: لجأ للدنيا كلها فما أنصفه أحد، فتوجه إلى الله، فهل يتركه الله؟ لا.
يقولون في بعض السير أن الله سبحانه عتب على موسى عليه السلام في حق قارون، فعندما أمر الله الأرض أن تأخذه، فكان يغوص فيها أمام مرأى ومسمع من موسى عليه السلام، وكان ينادي موسى عليه السلام، فلم يجبه، فقال الله لموسى: يا موسى يناديك قارون في حالة الشدة فلم تجبه، لو ناداني مرة واحدة لأجبته.
سبحان الله، ماذا كان يريد المولى منه إلا أن يرجع إليه، هل المولى كان يريد من قارون أن يظل في طغيانه، أو يريده أن يرجع له ويتراجع طغيانه وكبره؟ كان يريده أن يرجع إلى العبودية، فلو آمن قارون بما جاء به موسى عليه السلام لقبله الله؟ {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه:44] ، سبحان الله، موسى كليم الله يوحي إليه الله أن يذهب إلى فرعون الطاغية ليقول له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى، وليقول له: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} [النازعات:18-19] ، ما جاء له وقال له: يا كافر يا بعيد يا خسيس كما يفعل بعض الناس مع إنسان يقع في هفوة، فيقوم بالسب واللعن، لماذا يا أخي؟ ما الفرق بينك وبينه؟ الذي ابتلاه قادر على أن يتبليك أنت بأخس من هذا؟ فإذا رأيت أن الله هداك ووفقك وجنبك هذا الخطأ، ورأيت أخا لك في الله، زلت به قدمه وتورط في خطيئة، فلا تزده ورطة إلى ورطته، بل مد له يدك لتنقذه.
الرسول صلى الله عليه وسلم لما جيء برجل قد شرب الخمر جلده، فتكلم رجل عليه بكلمة، فقال له عليه الصلاة والسلام: (لا تعن الشيطان على أخيك عليه) أي: أنك أنت إذا سببته فر منك، وإذا فر منك ذهب إلى الشيطان، كرد فعل عكسي!