الوصية صلة لمن توجهت إليه، سواء وصايا الله لخلقه أو وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، ولا تصدر الوصية بين الناس إلا في معرض الشفقة والرحمة، فلا تجد عدواً يوصي عدوه، إنما تجد الموصي هو الصديق المشفق القريب، كما قال صلى الله عليه وسلم لـ معاذ: (يا معاذ إني أحبك) ، فقدم قوله: (إني أحبك) ومن محبته قال له موصياً: (لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم! أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) ، وكانت فاطمة رضي الله تعالى عنها تعمل على الرحا حتى اشتكت من أثرها في يديها، فسمع علي أن النبي جاءه سبي فقال لها: اذهبي لأبيك ليمنحك خادماً، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال (ما الذي يمنعك أن تعملي بما أوصيك به؟ لا تدعي دبر كل صلاة أن تقولي: يا حي يا قيوم! برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين) ووصية الرسول لـ فاطمة أخص من وصية أي والد لولده؛ لأن الوالد هنا ليس ككل الوالدين، والولد ليس ككل الأولاد، وقد قال: (فاطمة بضعة مني) .
إذاً: الوصية مصدرها الشفقة والرحمة وحب الخير.