يقول صحابي: (كنا في المسجد ندعو، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسكْنا، فقال: عودوا إلى ما كنتم عليه، فأخذنا ندعو: اللهم! اغفر لنا، اللهم! ارحمنا، اللهم! ارزقنا، فقام أبو هريرة وقال: اللهم! إني أسألك بمثل ما سألك به صاحبي هذان، وأسألك أن تعلمني ما لم أعلم، فقال صلى الله عليه وسلم: آمين) ، فدعا أبو هريرة أن يعلمه الله، وأمّن على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن هنا نرد على أولئك الذين يقولون: أبو هريرة راوٍ وليس بفقيه، فنقول: بل هو فقيه، وقد قال الإمام الذهبي في ترجمة أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: الإمام الثقة الحافظ الفقيه، وإذا لم يكن أبو هريرة فقيهاً فمن يكون الفقيه إذاً؟! ولما أكثروا عليه، قال: تقولون: أكثر أبو هريرة! أكثر أبو هريرة! وفي يوم وقف عند باب المسجد، فكلما رأى رجلاً خارجاً قال: قف! ماذا قرأ الإمام في صلاة العشاء؟ فيلتبس على البعض منهم، فيقول: الآن صليت مع الإمام ونسيت ماذا قرأ، وتريد أن تكون مثلي فيما حفظت عن رسول الله؟! وامتاز أبو هريرة بخصيصة لم يمتز بها أحد من الصحابة، ففي الحديث: (جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وشكى إليه النسيان) ، وفي بعض الروايات: (جلس صلى الله عليه وسلم، فأخذ شملة لي عن كتفي وبسطها) ، وفي بعض الروايات: (فأخذت ردائي فبسطته) ، وفي بعض الروايات: أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من أراد أن يحفظ فليبسط رداءه، فبسطت ردائي، فلما قضى حديثه صلى الله عليه وسلم قال: ضم إليك رداءك يا أبا هريرة! فضممته إلى صدري، فما نسيت حرفاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم!) .