إذاً فممن يستحل دمه: الثيب الزاني، والثيب: هو الذي سبق أن تزوج، ودخل بامرأته في عقد لا بملك يمين، ووطأها وطئاً صحيحاً ولو مرة واحدة، بل كما يقول العلماء: ولو بمجرد مغيب الحشفة، ويرتبون على مغيب الحشفة نحواً من عشرين حكماً في الفقه، فإذا تزوج ودخل بالزوجة، ولو طلقها في الحال، أو ماتت أصبح ثيباً.
الخلاصة أن البكر إذا زنت تجلد مائة جلدة، والثيب إذا زنت رجمت.
الزنا واحد، والإيلاج واحد، وقضاء الوطر واحد فلماذا اختلف الحكم؟ ونجد البعض يقول: إن البكر لم يتذوق أمر النكاح، فهو لا يدري شيئاً عنه، ولذا فهو أقدر على الصبر عليه، أما الثيب فقد تذوق ولا يقوى على الصبر والعفة، فلماذا شدد في حكم الثيب دون البكر؟ أقول: إن الذي يتتبع مقاصد الشريعة يجد أن الحكمة فيما جاء به الشرع؛ لأن الثيب غالباً ما تكون ذات زوج، والبكر لا زوج لها، فإذا زنت البكر وحملت، وظهر حملها وجاء ولدها، هل يمكن أن يلصق بأحد؟ لا، متميز بذاته، ولكن الثيب إذا زنت وحملت من غير زوجها، فإنها تلحق بزوجها من ليس منه.
إذاً جرم الثيب أكبر، وجرأة الثيب في التساهل أكثر؛ لأنها ترى عليها غطاءً يسترها ألا وهو زوجها، والبكر لا تجد ذلك، إذاً: القضية ليست محل اجتهاد، وإنما هو تخرص واستنتاج، ويكفي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الثيب الزاني) وتفاصيل هذا الأمر في كتب الفقه في باب الحدود.