الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد: قوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله: (الدين النصيحة) هل هو على سبيل المبالغة، أو الحقيقة، أو الأغلبية؟ هذا يسمى عند البلاغيين: القصر، (الدين النصيحة) بمعنى: قصرت الدين في النصيحة.
قالوا: هذا على سبيل التغليب، كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة) ، ففي الحج السعي والرمي والنحر.
كل هذا من الحج؛ ولكن يأتي (الحج عرفة) ، وبقية الأركان والأعمال الأخرى أليست من الحج؟ قالوا: أعظم أركان الحج عرفة، وإن كان السعي ركناً، والطواف كذلك، لكن كل عمل قد يُدرك في غير وقته إلا عرفة؛ لأنه إن فات عرفة فات الحج، والطواف والسعي الذي باسم الحج ينقلب إلى عمرة، وإذا فاته الوقوف بعرفة فلا رمي ولا شيء بعده، ولا اعتداد بالطواف والسعي الذي كان باسم الحج من قبل، فلو جاء وطاف طواف القدوم وسعى سعي الحج ثم فاته الوقوف بعرفة انقلب السعي من حج إلى عمرة، ويتحلل بعمرة.
إذاً: (الحج عرفة) و (الدين النصيحة) من باب التغليب والتنبيه على الأهم.
فإذا قلنا: ذلك كان أهم ما في أمور الدين النصيحة.
وإن جئنا إلى الشمول وأخذ اللفظ على ظاهر مدلوله فإن النصيحة بعمومها تشمل المسميات التي جاءت في هذا الحديث.
وعلى هذه فلمن تكون النصيحة؟