Q ما حكم من يصلي منفرداً فتفوته الجماعة؟ الإجابة: من إقامة الصلاة أن تؤدى في جماعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) ، ولكن الجمهور يختلفون: هل الجماعة شرط في صحة الصلاة؟ فالجمهور على أن الصلاة تصح ولو منفرداً لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة المرء في جماعة أفضل من صلاته في بيته بخمس وعشرين درجة -أو- بسبع وعشرين جزءاً) فقالوا: إذا كانت تفضل عن صلاته فرداً، فالمفاضلة تدل على التساوي وزيادة أحد الجانبين، فزيد أطول من عمرو، معناه: عمرو طويل ولكن زيداً أطول منه.
إذاً: تشترك الصلاة منفرداً وجماعة في الصحة، ولكن الصلاة في الجماعة تفضل على الصلاة منفرداً.
وجاء في حديث آخر: (إذا كان أحدكم في غنمه، أو كان في بر وجاء وقت الصلاة؛ فليؤذن وليقم وليصل، فإنه يصف وراءه من الملائكة ما بين المشرق والمغرب) وجاء أيضاً: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي) وذكر صلى الله عليه وسلم: (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة فعنده طهوره ومسجده) فأيما رجل، أي: فرد، إذاً: صلاته منفرداً صحيحة.
ولكن الحفاظ على الجماعة أمر مهم، وكان السلف يقولون: (ما كنا نرى يتخلف عنها إلا منافق بيِّن النفاق) ، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، وأنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى أولئك الذين تخلفوا عن الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم) وفي بعض الروايات: (لولا ما في البيوت من النساء والأطفال لحرقت عليهم بيوتهم) ، وذلك لترك الجماعة.
والذي جاء في الحديث الصحيح أو الحسن: (من صلى أربعين صلاة في مسجدي هذا، لا تفوته صلاة كتبت له براءة من النار وبراءة من النفاق، وأمن من عذاب القبر) .
نقول: أيها الإخوة! ليس المراد أربعين صلاة في ثمانية أيام ونودع الصلاة، ونقول: أخذنا براءة! لا والله، إنما المراد أن تتابع الجماعة بشرط ألا تفوتك صلاة، فإذا فعلت ذلك كان بمثابة الترويض والتعويد، وبمثابة أخذ علاج مكثف هو علاج حفاظك على الجماعة، فإذا رجعت إلى بلدك كنت قد أخذت دورة تدريبية على الحفاظ على الجماعة، وكان قلبك معلقاً بالمسجد، كلما نادى المنادي: حي على الصلاة، حي على الفلاح، أجبت المنادي، وحضرت الجماعة.
وبالله التوفيق.