(إنما الأعمال بالنيات أو بالنية) بالإفراد وبالجمع -روايتان- والأعمال تنقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: أعمال اللسان.
القسم الثاني: أعمال البدن.
القسم الثالث: أعمال القلب.
فأعمال اللسان: النطق من ذكر، وتلاوة، وكلام، وغير ذلك.
وأعمال البدن -الجوارح-: الصلاة من قيام وركوع، والصيام والحج، والجهاد، وغيرها من الأعمال البدنية.
وعمل القلب: ما ينعقد عليه القلب من عقائد كالإخلاص والخوف والرجاء.
كما جاء عن بعض السلف، أظنه عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: (كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يخرج عليكم رجل من هذا الفج من أهل الجنة، فخرج رجل معلقاً نعليه في يده، فمضى، ومن الغد قال: يخرج عليكم رجل من هذا الفج من أهل الجنة، فخرج ذاك الرجل الذي خرج بالأمس، ثلاث مرات، قال: فتبعته فقلت: إنه قد وقع بيني وبين أبي ما يكون بين الولد ووالده، وقد أقسمت ألا آتيه ثلاثة أيام، فإن رأيت أن تؤويني هذه الأيام الثلاثة وجزاك الله خيراً، قال: تفضل، وبات عنده لكنه لم ير عنده شيئاً جديداً، فقال: لعله أن يكون اليوم تعب، وفي الليلة الثانية لم ير شيئاً، قال: لعله أن يكون مستحياً، وفي الليلة الثالثة قال له: يا عبد الله! والله لم يكن بيني وبين أبي شيء، ولكني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيك: إنك من أهل الجنة، فطمعت أن يكون عندك عمل خاص، فجئت لأرى ما تعمل، قال: والله يا عبد الله ما هو إلا ما رأيت، فذهب، ثم ناداه وقال: ما هو إلا ما رأيت؛ غير أني أبيت وليس في قلبي غل لأحد، قال: هي هذه، وهي التي لا نطيق) ، كان يبيت كل ليلة صافي القلب، ليس في قلبه غل لأحد، مهما كان من الناس إليه من إساءة، ومهما صدر من الناس نحوه من تقصير فإنه لا يحمل غلاً على أحد.
ولهذا قال العلماء في قوله سبحانه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة:103] التطهير: التنقية، فإنها تطهر الغني والفقير معاً، تطهر الغني من أدران الشح والبخل، ومن أن يمسك ماله عن الفقراء، وتطهر الفقير من أن يحقد أو يحسد الغني على ما أعطاه الله؛ لأنه يأخذ حقه منه، فإذا كان الفقير يأخذ حقه من مال الغني، فلا يحقد عليه، بل يدعو له بالبركة، لكن إذا أمسك الغني ماله ولم يزكه وحرم الفقير، يتمنى أن يذهب الله مال الغني، لأنه ما أعطى حق الله فيه.