وشهادة أن محمداً رسول الله: التزام بشهادة أن محمد صلوات الله وسلامه عليه رسول من الله إلى الخلق؛ لأن الرسالة تقتضي وجود مُرسَل يحمل رسالة، والرسول لا بد له من مُرسِل، ولا بد أن يحمل رسالة يبلغها لمن أرسل إليهم.
فالإيمان برسالة نبينا محمد تتضمن الإيمان بالله مرسلاً، وبالقرآن الذي أرسل به، وبالسنة شارحة للكتاب، ولذا تدخل كل تعاليم الإسلام ضمن شهادة أن محمداً رسول الله؛ لأنك تلتزم بكل ما جاءك به الرسول في تلك الرسالة.
وقد تكلمنا مراراً على أن الرسالة تشبه في الوقت الحاضر بالسفير المفوض لدولة عند دولة أخرى، حيث يقدم أوراق اعتماده ثم يتكلم باسم الدولة التي يمثلها، وسيد الخلق صلى الله عليه وسلم قدم المعجزات، وجرت خوارق العادات التي أقنعت الصغير والكبير بأنه رسول من عند الله، وبعد ذلك كل ما يأتي به إنما هو من عند الله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7] {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:1-4] .
إذاً: الإيمان برسالة رسولنا صلى الله عليه وسلم هو الالتزام بكل ما جاء به، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد) لأنه جاء به من غير رسالة، ولذا يقول مالك رحمه الله: (من سن سنة وزعم أنها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة) ، وذلك لأن الله تعالى قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3] فإذا جاء إنسان وقال: خذوا هذه أضيفوها إلى الإسلام، والإسلام قد كمل، والكامل لا يقبل الزيادة، فلو جئت بكأس مليء بماء ووضعت فيه لؤلؤة، ثم وضعت فيه حجراً كريماً، ثم صببت فيه عسلاً، لفضفض من حواليه وتدفق منه الماء؛ لأنه لا يسع أكثر مما فيه.
وهكذا شهادة أن محمداً رسول الله ترد كل بدعة في الإسلام أياً كان موردها.
وبالله التوفيق، والله أعلم.