أحد على أحد ضرراً لم يدخله على نفسه. ومعنى "لا ضرار" لا يضار أحد بأحد. وقال المحسني: الضرر هو الذي لك فيه منفعة وعلى جارك فيه مضرة وهذا وجه حسن المعنى. وقال بعضهم: الضرر والضرار مثل القتل والقتال فالضرر أن تضر من لا يضرك: والضرار: أن تضر من أضر بك من غير جهة الاعتداء بالمثل والانتصار بالحق وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" 1 وهذا معناه عند بعض العلماء: لا تخن من خانك بعد أن انتصرت منه في خيانته لك كأن النهي إنما وقع على الابتداء وأما من عاقب بمثل ما عوقب به وأخذ حقه فليس بخائن، وإنما الخائن من أخذ ما ليس له أو أكثر مما له.
واختلف الفقهاء في الذي يجحد حقا عليه ثم يظفر المجحود بمال للجاحد قد ائتمنه عليه أو نحو ذلك فقال بعضهم: ليس له أن يأخذ حقه في ذلك لظاهر قوله: "أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" وقال آخرون: له أن ينتصر منه ويأخذ حقه من تحت يده واحتجوا بحديث عائشة في قصة هند مع أبي سفيان2 وللفقهاء في هذه المسألة وجوه واعتلالات ليس هذا موضوع ذكرها. والذي يصح في النظر: أنه ليس لأحد يضر بأخيه سواء ضره أم لا إلا أن له أن ينتصر ويعاقب إن قدر بما أبيح له بالحق وليس ذلك ظلماً ولا ضراراً إذا كان على الوجه الذي أباحته السنة.