{أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} 1. وقال تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ} . إلى قوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} 2. وقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} . إلى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} 3. {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً} 4. إلى آخر السوة. فمن أشكل عليه حاله فليعرض نفسه على هذه الآيات فوجود جميعها علامة حسن الخلق وفقد جميعها علامة سوء الخلق ووجود بعضها دون بعض يدل على البعض دون البعض فليشغل بحفظ ما وجده وتحصيل ما فقده.
ولا يظن ظان أن حسن الخلق عبارة عن لين الجانب وترك الفواحش والمعاصي فقط وأن من فعل ذلك فقد هذب خلقه بل حسن الخلق ما ذكرناه من صفات المؤمنين والتخلق بأخلاقهم.
ومن حسن الخلق احتمال الأذى فقد ورد في الصحيحين: "أن أعرابياً جذب برد النبي صلى الله عليه وسلم حتى أثرت حاشيته في عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك وأمر له بعطاء".
وقوله: "والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" يعني: هو الشيء الذي يورث نفرة في القلب وهذا أصل يتمسك به لمعرفة الإثم من البر: إن الإثم ما يحوك في الصدر ويكره صاحبه أن يطلع عليه الناس، والمراد بالناس والله أعلم أماثلهم ووجوههم لا غوغاؤهم، فهذا هو الإثم فيتركه والله أعلم.