أما بعد: فقد روينا عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وأبي الدرداء، وابن عمر، وابن عباس، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهم من طرق كثيرات بروايات متنوعات: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء" وفي رواية: "بعثه الله فقيها عالما".

وفي رواية أبي الدرداء: "وكنت له يوم القيامة شافعا وشهيدا".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وحقوق عباده. فدخل الصحابة وغيرهم ممن اتصف بذلك. "روينا" بصيغة المعلوم. أي نقلنا عن غيرنا. وجملة - أن رسول الله - إلخ مفعوله. "وأبي هريرة" تصغير "هرة" كناه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك حين رآه حاملاً لها في كمه. "من طرق كثيرات" متعلق بروينا "بروايات متنوعات" أي مختلفة الألفاظ. "من حفظ" أي نقل. وإن لم يحفظ اللفظ، ولم يعرف المعنى، إذ به يحصل الانتفاع للمسلمين بخلاف حفظ ما لم ينقل إليهم، كذا نقل عن المنصف. "على أمتي" أي لأجلها، شفقة عليها، فعلى: بمعنى اللام؛ والأمة جمع ممن لهم جامع، من دين أو زمان أو مكان، والمراد هنا أمة الإجابة لا الدعوة. "من أمر دينها" أي مما يتعلّق بأمر دينها أصولاً وفروعاً. "في زمرة" أي جماعة، و"العلماء" عطف عام، لتخصيص الفقهاء بالفروع الفقهية، و "شهيداً" أي شاهداً له بالكمال، و"الشهداء" جمع شهيد، أي قتيل المعركة، التي شهد الله وملائكته له بالجنة، ويجمع بين هذه الروايات بأن حفاظ الأربعين مختلفوا المراتب، فمنهم من يحشر في زمرة الشهداء، ومنهم من يحشر في زمرة العلماء، ومنهم من يبعث فقيهاً عالماً، وإن لم يكن في الدنيا كذلك، ومنهم غير ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015