فظاهره والله أعلم الحصر باعتبار من آثرها وأما بالنسبة إلى ما في نفس الأمر فقد تكون سبباً إلى الخيرات ويكون ذلك من باب التغليب فإذا وردت هذه اللفظة فاعتبرها فإن دل السياق والمقصود من الكلام الحصر في شيءٍ مخصوص: فقل به وإلا فاحمل الحصر على الإطلاق ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات" والمراد بالأعمال: الأعمال الشرعية. ومعناه: لا يعتد بالأعمال بدون النية مثل الوضوء والغسل والتيمم وكذلك الصلاة والزكاة والصوم والحج والاعتكاف وسائر العبادات، فأما إزالة النجاسة فلا تحتاج إلى نية لأنها من باب الترك والترك لا يحتاج إلى نية، وذهب جماعة إلى صحة الوضوء والغسل بغير نية.
وفي قوله: "إنما الأعمال بالنيات" محذوف واختلف العلماء في تقديره: فالذين اشترطوا النية قدروا: صحة الأعمال بالنيات، والذين لم يشترطوها قدروا: كمال الأعمال بالنيات.
وقوله: "وإنما لكل امرئ ما نوى" قال الخطابي يفيد معنىً خاصاً غير الأول وهو تعيين العمل بالنية، وقال الشيخ محي الدين النووي: فائدة ذكره أن تعيين المنوي شرط فلو كان على إنسان صلاة مقضية لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة بل يشترط أن ينوي كونها ظهراً أو عصراً أو غيرهما، ولولا اللفظ الثاني لاقتضى الأول صحة النية بلا تعيين أو أوهم ذلك والله أعلم.
وقوله: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله" المتقرر عند أهل العربية: أن الشرط والجزاء والمبتدأ والخبر لا بد أن يتغايرا وههنا قد وقع الاتحاد وجوابه "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله" نية وقصداً "فهجرته إلى الله ورسوله" حكماً وشرعاً.