قوله: "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني" هذا موافق لقوله: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء" 1 وقد جاء "أن العبد إذا أذنب ثم ندم فقال: أي ربي أذنبت ذنباً فاغفر لي ولا يغفر الذنوب إلا أنت قال: فيقول الله تعالى: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به أشهدكم أني قد غفرت له ثم يفعل ذلك ثانية وثالثة فيقول الله عز وجل في كل مرة مثل ذلك ثم يقول: اعمل ما شئت فقد غفرت لك" 2. يعني لما أذنبت واستغفرت.
واعلم أن للتوبة ثلاثة شروط: الإقلاع عن المعصية، والندم على ما فات، والعزم على أن لا يعود، وإن كانت حق آدمي فليبادر بأداء الحق إليه والتحلل منه، وإن كانت بينه وبين الله تعالى وفيها كفارة فلا بد من فعل الكفارة وهذا شرط رابع فلو فعل الإنسان مثل هذا في اليوم مراراً وتاب التوبة بشروطها فإن الله يغفر له.
قوله: "على ما كان منك" أي من تكرار معصيتك، "ولا أبالي": أي ولا أبالي بذنوبك.
قوله: "يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك" أي لو كانت أشخاصاً تملأ ما بين السماء والأرض وهذا نهاية الكثرة ولكن كرمه وحلمه سبحانه وعفوه أكثر وأعظم وليس بينهما مناسبة ولا التفضيل له هنا مدخل فتتلاشى ذنوب العالم عند حلمه وعفوه.