معصية وقعت وانقضت أما إذا علم معصيته وهو متلبس بها فيجب المبادرة بالإنكار عليه ومنعه منها فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إن لم يترتب على ذلك مفسدة فالمعروف بذلك لا يستر عليه لأن الستر على هذا يطمعه في الفساد والإيذاء وانتهاك المحرمات وجسارة غيره على مثل ذلك بل يستحب أن يرفعه إلى الإمام إن لم يخف من ذلك مفسدة وكذلك القول في جرح الرواة والشهود والأمناء على الصدقات والأوقاف والأيتام ونحوهم فيجب تجريحهم عند الحاجة ولا يحل الستر عليهم إذا رأى منهم ما يقدح في أهليتهم، وليس هذا من الغيبة المحرمة، بل من النصيحة الواجبة.
قوله: "والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه" هذا الإجمال لا يسع تفسيره إلا أن منه أن العبد إذا عزم على معاونة أخيه ينبغي أن لا يجبن عن إنفاذ قول أو صدع بحق إيماناً بأن الله تعالى في عونه، وفي الحديث: فضل التيسير على المعسر وفضل السعي في طلب العلم ويلزم من ذلك فضل الاشتغال بالعلم والمراد العلم الشرعي ويشترط أن يقصد به وجه الله تعالى وإن كان شرطاً في كل عبادة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم" هذا دليل على فضل الاجتماع على تلاوة القرآن في المسجد. و"السكينة" ها هنا قيل: المراد بها الرحمة وهو ضعيف لعطف الرحمة عليها وقال بعضهم: السكينة الطمأنينة والوقار وهذا أحسن، وفي قوله: "وما اجتمع قوم" هذا نكرة شائعة في جنسها كأنه يقول: أي قوم اجتمعوا على ذلك كان لهم ما ذكره من الفضل كله فإنه لم يشترط صلى الله عليه وسلم هنا فيهم أن يكونوا علماء ولا زهاداً ولا ذوي مقامات