"ثم انطلق" ذهب هذا الرجل الذي لا يعرفه أحد، "فلبث ملياً" في بعض الروايات "ثلاثاً"، وفي بعضها "فلبثت ملياً" يعني عمر لبث ثلاثة ليال، ثم سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- من ذلك الرجل؟ أو بدون سؤال كما تدل عليه هذه الراوية، ثم قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((يا عمر أتدري من السائل))؟ في بداية الحديث يقول: لا يعرفه منا أحد إذا لا يدري، ولكنه يرد العلم إلى عالمه "الله ورسوله أعلم" هكذا ينبغي أن يجيب من لا يعرف الجواب، الله أعلم أهله العلم في كلامهم كثيراً ما يختمون الكلام وهو علم إذا انتهوا منه، قالوا: الله أعلم، قالوا: الله أعلم، موسى -عليه السلام- ((لما سئل في ملأ من بني إسرائيل عن أعلم من على وجه الأرض؟ قال: أنا، )) ما قال: -الله أعلم- فأمر بالذهاب إلى الخضر في القصة المشهورة في الصحيح، وهي في القرآن أيضاً.
"قلت: الله ورسوله أعلم"، يعني في حياته -عليه الصلاة والسلام- هو أعلم، وهو في الأحكام الشرعية أعلم، ولا نحتاج إلى قيد إذا كانت المسألة شرعية متعقلة بوحي من عند الله -جل وعلا- الله ورسوله أعلم، فهو أعلم بالأحكام الشرعية، قال: ((فإنه جبريل -يعني هذا السائل جبريل- آتاكم يعلمكم دينكم))، يعلمكم دينكم يعني بجميع أبوابه، يعلم الدين فالدين شامل للإسلام والإيمان والإحسان، الدين شامل لجميع الأبواب من العقائد والعبادات والمعاملات وغيرها من أبواب الدين، ولذا تخصيص حديث: ((من يرد الله به خيراً يفقه في الدين)) في الأحكام هذا ليس بصحيح، نعم صار عرف إذا طلق الفقه فالمراد به الأحكام، إذا أطلق الفقه عرفاً فالمراد به الأحكام، والفقهاء يصدرون كتبهم الحمد الله الذي فقه من شاء بدينه، ويشيرون إلى أن علمهم هو الفقه، وفي هذا الحديث ما يدل على أن الفقه في الدين يعني بجميع أبوابه والعقائد هي الفقه الأكبر عند أهل العلم، ((فمن يرد الله به خيراً يفقه في الدين)) يعني في جميع أبوابه في العقائد، في الإيمان، في التوحيد، في العبادات، في المعاملات، في التفسير، في المغازي، في الفتن، في الاعتصام، في غيره، في جميع أبواب الدين.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ....