لكن الأصل الذي درجوا عليه العمل، الذي درج عليه أهل العلم في الحدود يختلف عن هذه الطريقة، ولا شك أن الحدود جرت عند المتأخرين على طريقة المناطقة، وإلا فالحدود والتعاريف أصلها غير معروفة للحقائق الشرعية عند المتقدمين، كيف؟! يعني هل تجد في موطأ مالك في كتب الأئمة قاطبة حتى في الأم للشافعي تعريف الصلاة، أو تعريف الزكاة، أو تعريف الحج، أو تعريف غيرها من الأبواب؟ لأن هذه الحقائق لا يجهلها خاص ولا عام، والمتأخرون جعلوا معرفة الحكم مبنى على التصور الذي هو الحد، مع أن هذا الحد قد يعقد المسألة، قد يعقد المعرف أكثر، يعني لما يقال الصلاة شروطها، أركانها، واجباتها ... إلى أخره، خلاص الكل يعرفها، لكنهم درجوا على هذا وقد يوجد من بين المسلمين من لا يعرف هذه الحقائق إلى أن يعرف بها، وهذا اصطلاح ولا مشاحاة في الاصطلاح، لكن الأصل أنه على طريقة التعاريف الجامعة المانعة، لا يعرف بمثل هذه وما دام هذا التعريف من قبل من لا ينطق عن الهوى، فيجب أن تعدل الإصلاحات على ما يوافق ما جاء في الشرع، إذاً عندنا اصطلاحات إما أن تأتي على من باب الحقائق اللغوية، أو تتضافر فيه الحقائق الثلاث، أو تكون حقيقتها عرفية أو شرعية، ثم بعد ذلك يقع الخلط من بعض الناس أن المراد في هذا السياق الحقيقة اللغوية، المراد في هذا السياق الحقيقة العرفية، المراد من هذا السياق الحقيقة الشرعية، فـ ((إذا دعا أحدكم أخوه فليجب)) فليجب فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليصلي، وإن كان صائماً فليصلي، تجيب الدعوة دعوة العرس لأخيك تجيبه على سبيل الوجوب، لكن إن كنت صائماً، إن كنت مفطراً تأكل يلزمك الأكل، إلا في حالة الضرر إذا كان يضرك الأكل، إن كنت صائماً فصلي، هل نقول أنه يأتي ويصلي ركعتين؟ أو يرفع يديه ويدعو لهم، يعني هل المراد في السياق الحقيقة الشرعية أو الحقيقة اللغوية؟ الحقيقة اللغوية عند الأكثر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015