على كل حال إذا كنت مبتدأً فرضك التقليد فأنت تقلد من تبرأ الذمة بتقليده، تقلد أرجح من تراه وطريقك في ثبوت الأرجحية هو الاستفاضة، يعني استفاض بين الناس عامتهم وخاصتهم أن هذا من أهل العلم الذين تبرأ الذمة بتقليدهم وهو أعلم من غيره هذا تقلده، أما شيخك الذي تلازمه فلا شك أن لك به عناية، ولولا أنه مقدم عندك ما لزمته وتركت غيره، فإذا قلدته وهو ممن تبرأ الذمة بتقليده، وهو من أهل النظر والموازنة بين النصوص يستطيع الترجيح؛ لأن ما كل من يدرس تكون لديه الأهلية التامة للإفتاء، لا، التدريس أمره أسهل من الفتوى أو القضاء. على كل حال إذا كان هذا الشخص ممن بلغ مرتبة من يقلد وتبرأ الذمة بتقليده، لك أن تأخذ بفتاويه، وإذا عرفت أو سمعت من خلال كلام الناس، عموم الناس لا سيما طلاب العلم أن هذا الشيخ أفتى بهذه الفتوى بقول مرجوح، وفلان أفتى بقول راجح فتعمل بالقول الراجح بالاستفاضة أيضاً؛ لأنه قد يقول قائل: أنا والله لا أعرف، والاستفاضة دلت على أن هذا العالم يقتدى به وتبرأ الذمة بتقليده، وذاك العالم كذلك، نقول في هذه الحالة خالف هوى نفسك، يعني إذا عملت محظوراًً في الحج مثلاً، وذهبت إلى شيخ تبرأ الذمة، من كبار أهل العلم وقال: ما عليك شيء، وذهبت إلى أخر وقال: عليك دم، أو عليك صوم، أو عليك فدية أذى، أو ما أشبه ذلك، انظر فإن كان ترجيحك للأول نابع من هوى؛ لأنه أعفاك من التبعة هذا لا يجوز تقليده؛ لأنك لم تأخذ بقول العالم، إنما أخذت بهواك، إنما أخذت بهواك.
الأسئلة كثيرة جداً وتزيد، نعم، والكتاب فيه طول، لعلنا نقتصر على هذا القدر، وحديث الأعمال بالنيات الذي سبق في الدرس الماضي أقول: محل عناية من أهل العلم، منهم من قال: هو ربع الدين، ومنهم من قال: نصفه، ومنهم من قال: ثلثه، ومنهم من قال: يدخل في جميع أبواب الدين، والشافعي يقول: يدخل في سبعين باباً، ولا شك أن هذا الحديث يدخل في كل مسائل الدين، ومسائل الدنيا أيضاً، إذا أريد من جرائها الثواب حتى مسائل الدنيا يدخل فيها النية ويدخل في المسائل الكبار، ويدخل في مسائل صغار، يعني لا فرق هي النية تغير الحكم من كونه ردة إلى كونه مباح كيف؟ نعم إلى كونه مباحاً.