هذا القول يتبناه المعتزلة أن الذي يتفرد بالخبر لا يقبل حتى يتعدد المخرج، وقال به بعض العلماء: إما مطلقاً أو شرط لصحيح البخاري، وأن البخاري لا يخرج إلا الأحاديث التي لها أكثر من راوي، ويومئ إليه كلام الحاكم، وبعض الإشارات تدل عليه من كلام البيهقي، ويتبناه الكرماني الشارح شارح البخاري، وكأن كلام ابن العربي في حديث أبي هريرة: ((هو الطهور ماؤه)) يدل عليه، قال: لم يخرجه البخاري لأنه لم يرد إلا عن أبي هريرة، لكن هذا الكلام ليس بصحيح، عندنا أدلة عملية ترده، الصنعاني في نظم النخبة لما ذكر العزيز قال:

وليس شرطاً للصحيح فاعلمِ ... وقد رمي من قال بالتوهم

وفي بعض النسخ:

وليس شرطاً للصحيح فاعلم ... وقيل شرط وهو قول الحاكمِ

على كل حال هذا القول ضعيف لا يلتفت إليه.

"قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول" سمعت هذه صيغة الأداء لمن تحمل بطريق السماع من لفظ الشيخ التي هي الأصل في الراوية، يقول سمعت: ولو قال حدثني، أو أخبرني، أو عن النبي-عليه الصلاة والسلام- قال، كلها تدل على مقصود لكن هذه أصرحها، "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول؛ لأنه سمعه بدون واسطة، بدون واسطة، وعمر -رضي الله عنه- كان يتناوب في العلم مع جاره، فجاره يخبره بما صدر عن النبي-عليه الصلاة والسلام-، وهو يخبر جاره في اليوم الذي يليه وهكذا، لكن هذا الحديث مما سمعه من النبي-عليه الصلاة والسلام- من دون واسطة، يقول حال كونه يقول: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنما الأعمال بالنيات)).

((إنما الأعمال بالنيات)) ((إنما)) هي الكافة والمكفوفة، وهي أداة حصر تحصر الحكم في المذكور، وتنفيه عما عداه -يعني بمنطوقها حصر للحكم فيما ذكر، وفي مفهومها نفي له عما عداه-.

((إنما الأعمال))، ((الأعمال)) ((أل)) هذه للجنس، جنس الأعمال بالنيات، فإذا قلنا: إنها جنسية، قلنا: تشمل الأعمال التي يتعبد بها، والأعمال التي لا يتعبد بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015