"عن أنس -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا آخر ما في الكتاب من الأحاديث، يقول: ((قال الله تعالى: يا ابن آدم)) وإذا أضيف الابن إلى جنس يشترك فيه الناس أو فئام من الناس فإنه يشمل الذكور والإناث، فيشمل الذكور والإناث وإلا فالأصل أن الابن خاص بالذكر، والبنت بالأنثى، فإذا قيل: ابن زيد، فالمراد ولده الذكر، بخلاف ما يقال: ابن آدم، فإنه يشمل، كما أذا أوصي إلى بني تميم مثلاً، فإنه يشمل الرجال والنساء، لكن إذا أوصي إلى بني فلان فإنه يختص بالأبناء دون الإناث، وهنا يقول: يا ابن آدم مما يشمل الذكور والإناث، والإناث في عموم خطابات الشرع تدخل في خطاب الرجال.
((يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني)) يعني الدعاء {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] عرفنا فيما تقدم أن الدعاء له أسباب للقبول، أسباب وهناك موانع، فلا بد من توافر الأسباب، وانتفاء الموانع، ومع ذلك من الأسباب اقتران الدعوة بالرجاء، ما يدعو الإنسان وقلبه غافل ساهي، فإنه حري ألا يستجاب له إذا غفل، لكن إذا اقترن مع الدعاء الرجاء وحضور القلب ((غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي)) الله -جل وعلا- يقبل التوبة ويغفر لمن استغفر له، ((ولا أبالي)) يعني لا أهتم بذلك؛ لأن هذا لا يثقله -جل وعلا-، ولا يكرثه، ولو اجتمعوا كلهم في صعيد واحد واستغفروا غفر لهم، لو طلبوا أعطاهم، ولا ينقص ذلك من ملكه شيئاً كما تقدم.