((فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به)) فلا تجد مثل هذا يسمع إلا الطيب من الكلام، ما تجده يسمع المحرمات ((وبصره الذي يبصر به)) لا تجد يرى ويشاهد في هذه النعمة التي هي نعمة البصر ما يكرهه الله -جل وعلا- ويبغضه، وما أخل عبد بشيء من هذين المنفذين وغيرهما السمع والبصر يعني تجد بعض الناس طالب علم، لكن قد تغلبه نفسه على سماع محرم غيبة وإلا غناء وإلا مزامير وإلا شيء، سببه الإخلال بالسبب الموجود في هذا الحديث بالنوافل، أخل بالنوافل فاختل الوعد ((كنت سمعه الذي يسمع به)) لكن لو حافظ على النوافل وأكثر من النوافل ما وجد هذا الخلل عنده، كيف يشاهد قنوات إباحية تعرض صور عارية، تعرض صور مومسات، وتعرض أفلام فاحشة، وتعرض شبهات؟ كيف تسمح نفسه بهذا وهو من يتقرب إلى الله -جل وعلا-؟ لا بد أن يوجد الخلل في هذه النوافل التي هي سبب الوعد بحفظ السمع والبصر، فإذا تساهل بهذه النوافل، والنوافل لا شك أنها سياج واحتياط يمنع الإنسان من الإخلال بالواجبات والوقوع في المحرمات.
((وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها)) تجده لا يستعمل هذه اليد إلا فيما يرضي الله، تجده ما يكتب شيء يبغض الله -جل وعلا-، تجده ما يزاول شيء بيده يغضب الله -جل وعلا- إلا إذا أخل بالسبب.
((ورجله التي يمشي بها)) تجده يمشي إلى المساجد، يمشي إلى الدروس، يمشي إلى صلة الأرحام، يمشي إلى زيارة المرضى، وتشييع الجنائز، وما أشبه ذلك، يوفق لهذا كله، وتكون نوافله التي تقرب بها سياج ومانع له من أن يبطش بيده شيئاً مما لا يجوز، أو يمشي برجله إلى شيء لا يجوز.
((ولئن سألني لأعطينه)) إذا وصل إلى هذه المرتبة ما ترد دعوته ((ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني)) مما يكره، سألني شيئاً يطلبه مما ينفعه في دينه أو دنياه لأعطينه، ((وإن استعاذني)) مما يكرهه في دينه أو دنياه ((لأعيذنه)) رواه البخاري.
نعم.
قال المؤلف -عليه رحمة الله-:
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه)) حديث حسن، رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث التاسع والثلاثين: