((ولا تباغضوا)) يعني لا يبغض بعضكم بعض، لا تبغض أخاك ويبغضك أخوك، اللهم إلا إذا كان البغض في الله، فهذا من أوثق عرى الإيمان، رأيته مصر على معصية، مجاهر بها، تبغضه لمعصيته لا لذاته ((ولا تباغضوا)) يعني لا تبذلوا أسباب البغض وانتشاره بينكم، بل المطلوب بذل أسباب المحبة ((لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا ألا أخبركم)) إلى أن قال: ((أفشوا السلام بينكم)) والهدايا تورث هذه المحبة، فعلى الإنسان أن يبذل الأسباب، يجتهد في بذل أسباب المحبة والمودة بين المسلمين، فضلاً عن أن يسعى في بغض أخيه أو نشر أسباب البغضاء بين المسلمين، ومن أسباب البغضاء نقل الكلام على جهة الإفساد كالنميمة، هذه من أسباب البغضاء، تجد اليوم أخاك يستقبلك بوجه طلق، ثم تراه من الغد كالكلب العقور، لماذا؟ لأنه بلغه، حمل واحد كلام عنك أنك قلت كذا -نسأل الله السلامة والعافية-، هذه هي النميمة التي هي من موجبات عذاب القبر، كان أحدهما لا يستبرئ من بوله، والثاني كان يمشي بالنميمة، وجاء نهي النبي -عليه الصلاة والسلام- الصحابة أن ينقلوا عنه شيئاً عن أصحابه ليخرج إليهم سليماً -عليه الصلاة والسلام-.
((ولا تدابروا)) يعني لا يولي كل واحد منكم أخاه دبره، لا حساً ولا معنىً، بل على الإنسان أن يستقبل أخاه بوجهه، وأن يبش في وجهه، وأن يعامله بالحسنى، وأن يسدي له النصيحة والكلمة الطيبة لتحصل المودة بينهم.