((لا تحاسدوا)) لا تحسد أخاك، ولا يحسدك أخاك، مع أنه ليس بشرط أن يقع الفعل من طرفين، ولو وقع من طرف واحد، واحد حسد أخاه يحرم عليه، لا يلزم ألا يحصل الإثم إلا بوقوعه من الطرفين كما تقتضيه الصيغة، فالمقاتلة من طرفين، لكن سافر فلان مسافرة هل هذه من طرفين؟ لا، من طرف واحد؛ لأنه قد تأتي الصيغة وتكون من طرف واحد، وإن كان الأصل فيها أن تكون بين طرفين، طارق النعل، من طرف واحد، وهنا ((لا تحاسدوا)) فإذا وقع الحسد من الطرفين كان الأمر أشد، وإذا حصل من طرف واحد حرم من جهة هذا الحاسد ((لا تحاسدوا)) والحسد الأكثر على أنه تمني زوال النعمة عن الغير، يقولون: كل ذي نعمة محسود، الذي لا يحسد الذي لا شيء عنده، كل ذي نعمة محسود، فإذا تمنى فلان من الناس زوال هذه النعمة أي نعمة كانت سواءً كانت في ماله أو في بدنه أو في ولده أو في جاهه، إذا تمنى زوال هذه النعمة هذا حسد مذموم بالإجماع، ومنهم من يقول: إن المراد بالحسد وهذا ما اختاره شيخ الإسلام كراهية حصول النعمة للغير، ولو لم يتمن زوالها، وهذا لو لم يكن فيه إلا عدم الرضا بما قدر الرحمن.

وكن صابراً للفقر وادرع الرضا ... بما قدر الرحمن واشكره واحمدِ

{نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ} [(32) سورة الزخرف] اعتبر مثل هذا الكلام {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ} [(32) سورة الزخرف] والمعطي والمانع والنافع والضار هو الله -جل وعلا-، فأنت إذا حسدت أخاك فإنك إنما تعترض على من أعطاه هذه النعمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015