عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) (من) من صيغ العموم تتجه إلى كل من يندرج فيها، يصح اندراجه فيها ((من رأى منكم)) فلينكر كل مسلم وكل مسلمة، كل من يرى المنكر يجب عليه أن ينكر ((فليغيره)) الآن، اللام لام الأمر (فليغيره) يعني يسعى في تغييره، وإن لم يتغير؛ لأنه مطالب ببذل السبب، والنتيجة بيد الله -جل وعلا-، تغير أو ما تغير ليس إليك، ((من رأى)) رأى: الأصل فيها البصر، وفي حكمه الخبر الصحيح، فـ (رأى) أعم من أن تكون بصرية، (رأى) تأتي بصرية وتأتي علمية، فإذا بلغه المنكر بمن يثبت بقوله الخبر بواسطة من يثبت بقوله الخبر، وبواسطة الثقة فإنه يلزمه أن يغير، ولو قلنا: إنها بصرية فقط لقلنا: إن الأعمى معفى من الأمر والنهي، لا يأمر ولا ينهى، ولوقعنا في لوازم كثيرة، لقلنا: إن الأعمى أيضاً لا يلزمه الغسل إذا احتلم، ولو خرج منه الماء؛ لأنه ما يرى الماء، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: ((نعم إذا هي رأت الماء)) فإذا كان أعمى، أو كانت المرأة عمياء ما يلزمها غسل إذا قلنا: إن (رأى) خاصة بالبصر، لكن إذا بلغ بطريق يقيني أنه خرج الماء يلزمه الغسل ولو كان أعمى، ولو كانت عمياء، ولو كان في ظلام دامس لا يرى يده، فإذا تحقق أنه خرج منه الماء يلزمه الغسل، وإذا تحقق أن هذا المنكر وقع يلزمه تغييره، لكن على المنكر أن يحتاط؛ لأن أساليب الكيد كثرت من بعض المغرضين، الآن يشيع أن هناك منكر ليسارع أهل الغيرة في إنكاره، ثم يقال لهم: أنتم ناس تتسرعون، ما في شيء، وينه؟ فلا بد أن نتأكد من حصوله، لا بد من أن نتأكد، ولا نأخذ بإشاعات أو أقوال متعجلين لا يتثبتون، بل لا بد من أن نتأكد، لكن إذا تأكدنا يلزمنا الإنكار، وكم من قضية افتعلت ليس لها حقيقة ولا واقع أشيعت ثم سارع بعض من سارع إلى الإنكار وفي النتيجة لا شيء، ثم بعد ذلك المصداقية تضعف، إذا أخطأ مرة مرتين قيل له: خلاص فلان متسرع، حتى لو أنكر أمراً رآه بنفسه ما قبل منه؛ لأن فلان متسرع، تؤخذ عنه هذه الصورة، فعلينا أن نتحرى ونتثبت، ونحتاط من أهل المكر والخديعة الذين يحاولون إيقاع