قال: "عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا ضرر ولا ضرار)) " هذه قاعدة، الحديث بني عليه قاعدة من القواعد الشرعية التي ذكرها أهل العلم واهتموا بها، وفرعوا عنها، والحديث وإن اختلف في وصله وإرساله إلا أن في القرآن ما يدل عليه باللفظ، {لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [(233) سورة البقرة] {أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ} [(12) سورة النساء] في مواضع من هذا النوع، فالضرر منفي ابتداءً ومكافئةً، يعني لا يبتدئ الإنسان بالضرر، ولا يجيب من ضره بالضرر؛ لئلا يسعى إلى ضرر لا ابتداءً ولا مكافئة، لا بمفرده ولا في مقابل من ضره، نعم {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [(126) سورة النحل] لكن لا تزد على ذلك، لك أن تنتصر لنفسك بقدر المظلمة، لكن تزيد على ذلك لا يجوز، هذا مضارة مفاعلة بين اثنين، فلا يجوز للزوج أن يضار زوجته، كما أنه لا يجوز لها أن تضاره، الحضانة للأم إذا حصل الفراق، لكن قد تسعى هذه الأم لمضارة الزوج من خلال حضانة أولاده بأن تجعل العوائق والحوائل دون رؤيته لهم، هذه مضارة، وكذلك لا يضار الزوج زوجته لا وهي في عصمته وكذلك الزوجة ولا بعد الفراق بالأولاد وغيرهم؛ لأن الزوج قد يضار الزوجة، ولذا لا يضار يحتمل أن يكون مبنياً للمعلوم، ويحتمل أن يكون مبنياً للمجهول، وإذا فك الإدغام تبين المراد، فإما أن يكون الأصل لا يضارِر والد بولده، ويحتمل أن يكون لا يضارَر من قبل الزوجة أو من قبل بعض أهلها، فالضرر منفي، الضرر منفي، ولا يجوز إيصال الضرر إلى أحد بالنسبة للمسلم ظاهر، بالنسبة لغيره إذا كان معاهداً أو ذمياً أو مستأمناً أيضاً جاءت فيه النصوص، وأما الحربي فهو بصدد أن يقتل، فالأمر فيه سهل، دمه وماله حلال، لكن ليس لكل أحد، وإن كان دمه مباحاً، وماله مباح، لكن ليس لأفراد الناس أن يتصرفوا مثل هذه التصرفات، هذه لمن ولاه الله -جل وعلا- الأمر، فالحديث فيه تحريم الضرر: ((لا ضرر)) وهو نفي يراد به النهي، والنهي إذا جاء بصيغة النفي كان أبلغ وأشد؛ لأن هذه الصورة من الشدة والبشاعة بحيث يصح نفيها عن المجتمع