مع الذل والتعظيم لله -جل وعلا-، فكون العبد يحب الله -جل وعلا-، ويحب رسوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه ... )) الحديث، هذا من فرائض الدين، لا يستقيم دين الإنسان إلا بهما، وكذلك يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويحب إخوانه المسلمين، ويحب في الله، ويبغض في الله، لكن الشأن كله أن تُحَب، الشأن في أن تُحَب ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله)) كيف تحقق محبة الله لك؟

"دلني على عمل إذا عملته أحبني الله؟ " وسيأتي في حديث الولي ما فيه مزيد إيضاح -إن شاء الله تعالى-.

"أحبني الله وأحبني الناس" يعني محبة الناس للشخص، ومحبة الشخص للناس لا سيما المسلم منهم هذه مطلوبة شرعاً، وكون الناس يحبونه كما دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي هريرة، هذا ييسر له أموره، أمور دينه وأمور دنياه، فلا يقول: أنا أسعى لتحقيق محبة الله -جل وعلا- ولا يهمني الناس، نعم لا يهمك الناس في بعثك على العبادة، على عبادة الله -جل وعلا-، ليكن الباعث والناهز لك على هذه العبادات هو مرضاة الله -جل وعلا-، لكن أيضاً كون الناس يحبونك، وكونك تحبهم هذه من مطالب الدين.

"وأحبني الناس، فقال: ((ازهد في الدنيا يحبك الله)) " ازهد في الدنيا، وارغب في الآخرة؛ لأن من مقتضى الزهد في الدنيا مزيد الرغبة في الآخرة ازهد في الدنيا، يعني اترك القدر الزائد الذي لا تحتاجه من الدنيا.

((ازهد في الدنيا)) الزهد والورع لفظان متقاربان، لكن الزهد فيما في اليد، والورع قبل أن يصل اليد، هذا المال الذي تسعى إلى كسبه كونك تتحرى في الكسب، ولا تكتسب إلا على وجه شرعي، وإذا شككت في شيء تركته، وإذا وجد في المعاملة أدنى شبهة تركتها لله -جل وعلا- هذا الورع، فإذا حصل المال في يدك كونك تتخلص من القدر الزائد يعني البلغة التي توصلك إلى تحقيق الهدف الذي من أجله خلقت هذا الزهد في الدنيا، يعني الزهد مع القدرة، لما قيل لسفيان الثوري: أنت زاهد، قال: لا، الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي في يده الدنيا، أما الذي ليس في يده الدنيا كيف يزهد؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015