((أوصيكم بتقوى الله -عز وجل-)) نظير ما يحصل منه -عليه الصلاة والسلام- من توجيه إما لأفراد، وإما لجماعات، حينما يخطب الجميع يحمر وجهه، ويعلو صوته، لكن إذا خاطب شخصاً واحداً يريد أن يوجهه وينكر عليه يختلف الأمر؛ لأن توجيه الخطاب إلى المجموع يختلف أثره عن توجيه الخطاب إلى الواحد، يعني إذا ارتفع صوته -عليه الصلاة والسلام-، واشتد غضبه، العادة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ينكر برفق، الأعرابي الذي بال في المسجد قال: ((دعوه، لا تزرموه)) يعني اتركوه، لما أراد الصحابة أن يوقعوا به، وشدوا عليه الكلام، قال: ((دعوه)) الرفق ما دخل في شيء إلا زانه، لكن كل واحد من الحاضرين حينما يخطب النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذه القوة وبهذه الشدة كل واحد من الحاضرين يقول: لست أنا المقصود، فيخف الأمر، لكن لو واجه شخص بعينه بقوة هذا خلاف الهدي النبوي، ولا يمنع أن يخطب الإنسان ويذكر بعض المنكرات الشائعة، ويشدد في إنكارها، ويرفع صوته في إنكارها؛ لأنه لا يخاطب شخص بعينه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ما بال أقوام)) ويشدد، لكن لو واجه الشخص الذي فعل تجده يلطف به ويترفق به؛ لأن هذا أجدى وأدعى للقبول، ففرق بين هذا وهذا؛ لأن بعض الناس يقول: كيف النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا خطب اشتد غضبه، وارتفع صوته، واحمر وجهه، وهو يقول: دعوه دعوه، يعني هذا اضطراب، نقول: لا، خطاب المجموع يختلف عن خطاب الأفراد، المجموع أنت لا تخاطب شخص بعينه، كل واحد من الحاضرين يقول: لعله لا يقصدني، فيخف الأمر، بينما إذا واجه شخصاً بعينه، نعم قد يغضب لغضب الله -عليه الصلاة والسلام- لكنه لا ينتقم لنفسه، والإنسان إذا أسدي له نصيحة برفق ولين، ثم بعد ذلك مرة ثانية ثم ثالثة لا مانع أن ينكر عليه بقوة، وأن يؤطر على الحق فيما بعد ذلك؛ لأنه في الحقيقة إنسان لا يستحق مثل هذا اللين.