قد يقول قائل: يكره الإنسان المخلص أن يطلع الناس على أعماله الصالحة، صلى بالليل، وصام بالنهار، وكره أن يطلع الناس عليه، ليس من هذا الباب؛ لأنه جاء فضل الإخفاء، إخفاء الصلاة، إخفاء العبادة، إخفاء الصدقة ((ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)) مطلوب الإخفاء، ويكره أن يطلع عليه الناس؛ لئلا يخدش إخلاصه، فإذا كان خوفه من اطلاع الناس على عمله أن يتأثر في إخلاصه، وأن ينتابه شيء من الشرك الخفي، فإن هذا شر، لكن إذا خشي أن يطلع الناس على عمله لئلا ينكروا عليه فهو المراد هنا: ((وكرهت أن يطلع عليه الناس)).
أحياناً يكون العمل صالح، والأفضل أن يخفيه عن الناس؛ لأنه أقرب إلى الإخلاص، قد يكون الأفضل له أن يظهره للناس من أجل أن يقتدى به، عمل صالح يقتدى به، فيكون له أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة، وصلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة، وقد تكون في المسجد أفضل منها في البيت إذا رأى الناس يتساهلون في النوافل أو يتهمونه بأنه لا يصلي النوافل وهو ممن يقتدى به، إذا أظهر ذلك أحياناً كان أفضل، يكون في حقه أفضل.